
العيون:
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تتزايد المخاوف داخل الأوساط السياسية والشعبية بالبلاد من تنامي ظاهرة التوريث السياسي داخل عدد من المجالس المنتخبة، حيث يستعد عشرات المنتخبين، بينهم رؤساء جماعات وجهات ومجالس قروية، إلى الدفع بأبنائهم وبناتهم لخلافة مناصبهم، في مشهد بات يثير نقاشا واسعا حول مستقبل الديمقراطية وتكافؤ الفرص.
وتحذر فعاليات مدنية وسياسية من أن استمرار هيمنة نفس العائلات على المؤسسات المنتخبة يكرّس انسداد الأفق أمام الشباب المغربي ويُضعف ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية، خاصة مع تزايد الانتقادات لغياب تداول فعلي على المسؤوليات المحلية والجهوية.
كما يشير مراقبون مغاربة إلى أن التراضي العائلي على المناصب أصبح يسبق في كثير من الأحيان التنافس السياسي، ما يهدد جوهر التمثيلية ويعوّضها بمنطق الوراثة.
وتأتي هذه المخاوف في سياق وطني دقيق، حيث تستعد المملكة لمرحلة جديدة عنوانها تنزيل ورش الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، وهو مشروع استراتيجي يحتاج – وفق المختصين – إلى نخب جديدة قادرة على الاستيعاب والتنفيذ والتفاعل مع التحولات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة.
ويرى عدد من المحللين أن إستمرار نفس الوجوه في الواجهة السياسية، مع ظاهرة الترحال الحزبي التي تطبع المشهد منذ سنوات، لم يعد ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة.
وفي ظل هذه الأجواء، ترتفع أصوات تطالب الأحزاب السياسية بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية وفتح المجال أمام طاقات شابة مؤهلة بدل إعادة تدوير الوجوه ذاتها أو الدفع بأبناء المنتخبين إلى الصفوف الأمامية.
ويؤكد هؤلاء أن المرحلة المقبلة تتطلب قطيعة مع الممارسات التقليدية، وإعادة بناء المشهد السياسي على أساس الكفاءة والأستحقاق، لا القرابة والإنتماء العائلي كما يظهر بشكل فادح بالعديد من الأقاليم والجهات
وتبقى كل السيناريوهات مفتوحة، خاصة في ظل الحديث عن احتمال تغييرات في توقيت الانتخابات أو قواعدها التنظيمية بحكم التطورات المتعلقة بملف الصحراء المغربية والمتغيرات المحيطة به، غير أن ما يتفق عليه غالبية المهتمين، هو أن ورش الحكم الذاتي لن يحقق أهدافه إلا بنخب جديدة وفهم جديد، يضع المصلحة الوطنية فوق كل أعتبار.




