أحب وطني حباً غير مشروط بالمثالية.. الوطنية.. روح الانتماء المتجدد في الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء

6 نوفمبر 2025آخر تحديث :
أحب وطني حباً غير مشروط بالمثالية.. الوطنية.. روح الانتماء المتجدد في الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء
أحب وطني حباً غير مشروط بالمثالية.. الوطنية.. روح الانتماء المتجدد في الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضراء

أحب وطني حباً غير مشروط بالمثالية…

الوطنية.. روح الانتماء المتجدد في الذكرى الخمسينية للمسيرة الخضرا

بقلم: الزهرة بيروك

الوطن ليس فكرة مجردة، ولا شعاراً يُرفع في المناسبات، بل هو كيان حيّ يسكن القلب قبل الأرض. فالوطنية ليست مجرد كلمة تُقال، بل هي إيمان وخلق وسلوك وإحساس لا يقبل المساومة، يعيشها المواطن بصدق في كل لحظة من حياته، في حبه لدينه، وولائه لوطنه، وطاعته لولي أمره، ومشاركته الفاعلة في تنمية بلاده وتطويرها، والحفاظ على قيمها الإنسانية المتجذّرة في عمق العلاقة الروحية بين المواطن ووطنه.

 

إن المواطنة الحقة تنبع من الشعور العميق بالانتماء، وتتجلى في العمل الصادق لرفع شأن الوطن والمحافظة عليه. فالسلوك القويم في علاقة الفرد بوطنه هو التعبير الأصدق عن المواطنة الحقيقية، تلك التي تقوم على البناء لا الهدم، والاحترام لا التخريب، والعطاء لا الاتكال. فالمواطن الحق هو الذي يسعى لأن تكون سيرته مرآة مشرقة لدينه ولغته وتاريخه وتراثه وأصالته وتقدمه.

 

ولا يمكن لأي مجتمع أن ينهض دون بناء إنساني متين يجعل من الفرد لبنة أساسية في صرح الوطن، يعتني به ويُعزز كفاءته، لأن استمرارية الوطن وازدهاره مرهونة بمدى حب مواطنيه له، وصدق انتمائهم إليه، وولائهم لقيمه ودستوره وقوانينه. وهنا تبرز أهمية الحوار المسؤول والمشاركة الواعية في الشأن العام، بوصفهما ركيزتين لترسيخ ثقافة الديمقراطية والعمل الجاد والمبادرة.

 

ومن الأسرة تبدأ الحكاية، فهي المدرسة الأولى للوطنية، والمؤسسة التي تغرس في نفوس الأبناء روح الانتماء، من خلال القدوة الحسنة للآباء في حب الوطن والاعتزاز به. فالأسرة هي التي تزرع في الطفل أول بذور العشق للأرض والاستعداد للدفاع عنها بكل ما أوتي من قوة.

 

أما المدرسة، فهي الامتداد الطبيعي للأسرة في بناء المواطن الصالح، إذ تُسهم من خلال مناهجها وأنشطتها التربوية في تنمية مشاعر المواطنة لدى الناشئة، وتمنحهم المهارات والمعارف التي تؤهلهم ليكونوا فاعلين في بناء مغرب الغد. كما أن للإعلام دوراً محورياً في غرس قيم الوطنية، عبر برامجه ومضامينه التي تُبرز تاريخ الوطن وإنجازاته وتضحيات أبنائه، وخاصة في هذه المناسبة الغالية: الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.

 

إنها مناسبة لتجديد العهد مع الوطن، واستحضار أعظم صور التلاحم بين العرش والشعب، يوم خرج المغاربة في مسيرة سلمية خضراء استعادوا بها أرضهم وأعادوا معها كتابة تاريخهم بمداد من الفخر والإيمان. واليوم، وبعد نصف قرن، تتجدد معاني الوطنية في ضوء القرار الأممي الأخير الذي جدّد التأكيد على وجاهة المقترح المغربي للحكم الذاتي كحلّ عادل وواقعي لقضية الصحراء المغربية، في انتصار جديد للدبلوماسية الوطنية الراسخة، وتأكيد متجدد لوحدة الصف المغربي في الدفاع عن قضاياه المصيرية.

 

وهنا تتجلى الوطنية في أسمى صورها: وطنية الفعل لا القول، حين يتحول حب الوطن إلى التزام ومسؤولية، وإيمان صادق بالعمل من أجل مستقبل مشرق لوطنٍ قوي، ديمقراطي، متماسك ومتجذر في ثوابته الراسخة.

 

تلك هي الوطنية التي لا تعرف المساومة، الوطنية التي نعيشها ونورثها، الوطنية التي تُختصر في شعار خالد لا يشيخ: الله، الوطن، الملك.

الاخبار العاجلة